أمرنا الله سبحانه وتعالى بالمحافظة على المال وصرفه في وجوهه الصحيحة بعيدا عن الإسراف أو التقتير، فقد قال لك في كتابه الكريم:
وَلَا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلَىٰ عُنُقِكَ وَلَا تَبْسُطْهَا كُلَّ الْبَسْطِ فَتَقْعُدَ مَلُومًا مَحْسُورًا ﴿٢٩﴾{ سورة الاسراء:29}
وَالَّذِينَ إِذَا أَنْفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكَانَ بَيْنَ ذَٰلِكَ قَوَامًا ﴿٦٧﴾{ سورة الفرقان:67}
وهذه الأوامر الربانية لنا حول المال، وأهميته، وآليات صرفه تعد أفضل مدخل لموضوعنا حول «الشراء»، والذي نستهله بالسؤال التالي: كيف يقرر عقلك شراء أي شيء وكيف استغلت الشركات هذه الحقائق لتتحكم بقرار شرائك؟ من المحزن والمثير للسخرية أننا لم نسأل أنفسنا يوما، كيف نقرر شراء أي شيء ربما لأننا لا نعرف الإجابة أو لم نكلف أنفسنا عناء البحث في موضوع يستحق الاستثمار فيه، لأن كثيرا من المشاكل المالية على مستوى الأفراد أو العائلات تنتج من عادة الشراء وعدم القدرة على التحكم بهذه العادة. ومن خلال هذا المقال على أن ألقي الضوء بصورة مبسطة على ما تم الكشف عنه من قبل علماء الدماغ والأعصاب، حول الكيفية التي يقرر فيها العقل الشراء وما هي المؤثرات التي تحفزه على ذلك؟
هرمونات اللذائذ
تنتابنا مشاعر عديدة عند شراء الأشياء، وتتداول مناطق، اللوزة (Amygdala) العقل الأمامي (Prefrontal) ومركز الربح والخسارة في الدماغ، قرار الشراء من عدمه.
ونطرح العديد من الأسئلة في هذا المجال أبرزها:
- ما هي المشاعر التي تنتابك عند شراء الأشياء؟ وكيف تلعب هرمونات اللذائذ في الدماغ للحث على الشراء؟
- وما هو علم الأعصاب التسويقي؟
- كيف استنارت الشركات المنتجة للسلع والخدمات بنتائج الدراسات التي قام بها علماء الأعصاب وعلماء التسويق؟
علم الأعصاب التسويقي:
من خلال دراسات أجريت على المستهلكين بجميع فئاتهم العمرية بحث خبراء في علم الشراء والتسويق عن الكيفية التي يتم الدخول بها إلى مراكز إتخاذ القرار في عقلك، وقام الخبراء بتحديد الطريقة التي نتأثر بها من خلال الأفكار والملذات التي تقودنا إلى الشراء وهو قرار نتخذه بشكل يومي. وأجريت في العام (2004 م) عدة دراسات في علم الأعصاب التسويقي، شارك فيها أكثر من (2000) شخص في عدة دول حول العالم، وذلك بدراسة ما يدور في عقولهم قبل وخلال وبعد عرض منتجات وعلامات تجارية مشهورة، وهم موصولون» بأجهزة تقيس الموجات الدماغية في مناطق ومراكز الدماغ (EEG). كما تم عرض صور أمام المشاركين في الدراسة من منتجات شركات التبغ أو العلامات التجارية المشهورة في عالم الأكل والأكلات السريعة وهم تحت أجهزة الرنين المغناطيسي الوظيفي، والذي يقيس نسبة تدفق الدم إلى المناطق المختلفة من الدماغ ونسبة استهلاك الأوكسجين والذي يمثل نشاط تلك المنطقة المسؤولة عن القرار. وبذلك استطاع العلماء، من خلال نتائج هذه الدراسات، تحديد المناطق التي تعمل في حالة الشراء أو في حالة التسوق، وكذلك كيف تعمل تلك العلامات التجارية المشهورة في الدماغ، وكيف تعمل الشركات العالمية على إبراز علامتها التجارية التي تمثل الرمز للمنتج، من خلال مناطق الإحساس سواء السمعي أو البصري أو حاسة الشم، أو مركز العواطف والمشاعر.